ahmed عضو ذهبى
عدد الرسائل : 411 تاريخ التسجيل : 06/01/2008
| موضوع: لفظ الجلاله الله الثلاثاء فبراير 23, 2010 12:50 pm | |
| فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ..." (محمد:19) الله يريد منك أن تعرفه، لأن المعرفة هي السر الدافع للعمل، والجهل بالله هو السر الذي من أجله يترك الإنسان العمل، ولذلك قال " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ" (الأنبياء:25).
فجعل معرفتنا قبل عبادته، لأن العبادة تدين وخضوع وطاعة، وهذه الأشياء وهي الخضوع والطاعة والتدين لا يُستمد من الإنسان إلا إذا كان يعرف لمن يخضع، العلم بالشيء دائما يتقدم على العمل بالشيء، فاعرف الله أولا ثم اعمل له ثانيا، وجرب تعمل العكس كما هو حال كثيرين تجد الآتي: لا لذة للعمل، ولا استمرار، والسبب أنه لا حافز بداخله يولِّد فيه قوة العمل، هو لا يعرف لمن يعمل، فلماذا يستمر في العمل؟...وهي لا تعرف لماذا تتحجب، فلماذا تستمر في الحجاب؟ وهي لا تعرف لماذا تسامح فلماذا تفعل كل هذا؟
لأجل كل هذا كان المنهج الرباني هو التعريف بالله أولا ثم بأحكامه ودينه ثانيا ففرق بين الله وبين دين الله، الله خالق ودين الله مخلوق، الله لا يتغير ودين الله شرائع وكتب تغيرت على مر السنين والرسل، فاول شيء تعرّف على الله كما كان يفعل أنبياء الله ورسله مع أقوامهم أنه لا إله إلا الله فاعبدوه، فالمعرفة أولا ثم العبادة ثانيا، ولذلك تجد النبي صلى الله عليه وسلم يعرِّف الناس بالله 10 سنوات ثم تفرض الصلاة بعدها، هذا الركن العظيم في الإسلام الصلاة ..فرضت بعد البعثة بعشر سنوات ..أين العبادة؟ لكن المنهج النبوي يهيء الناس للعبادة بمعرفة المعبود حتى يقبلوا عليها بقلوبهم لا بأجسادهم، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع معاذ لمّا أرسله لليمن فقال له "...فادعهم إلى التوحيد، فإذا أقروا بذلك فقل: إن الله فرض عليكم خمس صلوات..."، فالعبادة تأتي بعد المعرفة، لأن المعرفة هي المحركة لطاقة العمل المتولّدة من الحب، وإذا وضعنا العكس سنرى ونسمع عن شكاوى لا حصر لها في طريق الناس إلى ربهم يشكُون من تعب وإرهاق، وما هذا إلا لأنهم حملوا أثقال العبادة قبل التهيء لها.
"الله" اسم جامع ودال على كل الأسماء والصفات والأفعال يعني كل الأسماء والصفات والأفعال والمخلوقات والتصرفات، ما هي إلا دلالات على الاسم الدال على الذات "الله" أي ما هي إلا تفسيرات وتوضيحات وتعريف على الله، فبقدر دقة نظرك ومعرفتك بالأشياء وبقدر ربط هذه النظرات والتفكرات بالله بقدر ما تكون معرفتك بالله، يُنسب لابن عباس في تفسير قوله تعالى " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (الذاريات:56) " أنه قال أي إلا ليعرفون، لأنه لا عبادة إلا بعد معرفة لأن الله هو الغاية والمقصود والصمد الذي يقصد ويصمد إليه ويُلجأ إليه، لأن الله قال " وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنْتَهَىٰ" (النجم: 42) فهو المراد من الصلاة والصيام والحج، فالصلاة قال الله عنها " ... وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي "(طه: 14) أي لأُذكر بها لا لتذكروها هي وتنسوني أنا الذي شرَّعت الصلاة، وما مثل من يعبد الله ولا يعرفه حق المعرفة إلا مثل من يعمل في وظيفة لا يعرف مديرها، فلو قال له مديره افعل كذا وهو لا يعرف مديره ..لا وصفه ولا شخصه ولا شيء عنه، فإنه سيقول له ..لا أمر لك عليّ، أما لو كان يعرفه بوصفه وشخصه وآثار هيمنته في مصنعه وشركته لكان له في قلبه هيبة وقيمة، ولو رأيت من هذا الموظف أمرا آخر غير الأول.
"الله" الاسم الجامع لكل الأسماء والصفات هو نفسه معنى "لا إله إلا الله" أي كل ما تراه من صفات في المخلوقات وآثار للتصرفات إنما يرجع إلى صفة من صفات الله فلا يخرج شيء عن أن يكون أثرا لصفة من صفاته سبحانه أي: لا قوة ترى أثرَها إلا منه ودالٌ عليه ، ولا علم ترى أثرَه إلا منه ودالٌ عليه، ولا جمال ترى أثرَه إلا منه، ولا عدل ولا حكمة ولا كمال في شيء تراه إلا هو أثرٌ من صفة من صفات الله، وهذه الصفات لكثرتها ودقة تصنيفها في المخلوقات جعل الله لنا اسمه "الله" دالٌ على كل هذه الآثار والتصرفات.. فلا إله إلا الله ..أي لا أثر ولا شيء ناتج عن صفة وكل صفة راجعة إلى الله فكان اسم الله "الله" دال على كل الأسماء والصفات، حتى إذا عجزت عن فهم شيء في الكون أرجعته إلى "الله"، وإن لم تفهم مرجعه إلى أي صفة، وهذا لدقيقةٍ عظيمة، وهي أن أسماء الله وصفاته لا تتناهى، وأنت مهما فكرت فإن أفكارك لا تتناهى، فقال الله لك "إذا لم تفهم بعض مخلوقات أو تصرفاتي فقل "الله" فاعل كل هذا، أي قل "لا إله إلا الله" فالله هو الاسم الجامع والدال على كل الأسماء والصفات والتصرفات. | |
|